التصنيفات
الاحصاء المناخ عربي

هل لدى البشر موسم للتزاوج؟

(English version)

من الواضح أن للبشر فترة معينة يمكن ان نسميها موسم التزاوج، تتباين هذه الفترة بحسب درجات الحرارة والاقاليم المختلفة. الفصول أو المواسم بذاتها لا تمثل للبشر سوى تحولات في الحرارة والضوء، لذا فقد قمنا بفحص تفضيل البشر لتغيرات الحرارة ووجدنا أن البشر الذين يعيشون في المناطق الحارة يفضلون الأشهر التي يحدث فيها الانتقال نحو الدفء للتزاوج أما البشر الذين يعيشون في المناطق الباردة فيفضلون الأشهر التي يحدث فيها الانتقال نحو البرد بشكل واضح.

مقدمة

خطر السؤال على ذهني لأول مرة في عام 2017، عملت حينها على جمع عدة مجاميع للبيانات أولها الولادات منذ عام 1967 بحسب الأشهر والبلدان المختلفة، ثم جئت بمعدلات درجات الحرارة ومؤخراً عندما أعدت معالجة البيانات فقد أضفت تصنيفات المناخ أيضاً والعائدة لكوبن جيجن. لم أنشر شيئاً حول العمل الاحصائي البسيط الذي قمت به في عام 2017 ووجدت أن شخصاً ما في موقع ميديم قام بعلم مماثل لكن ليس بذات التفاصيل والقضايا التي طرحتها.

مبدئياً يشير السؤال إلى الموسم وهذا يقودنا إلى شهر أو مجموعة أشهر، لكن موسم التزاوج يرتبط بعوامل أخرى مثل الضوء ودرجات الحرارة. وفيما تتوزع هذه المعايير على أقاليم أصغر نسبياً، فقد حاولنا أن نعتمد ما وجدناه من بيانات للحرارة وهي معدل لكل الشهر ولكل البلد لذا فهو ليس مقياساً دقيقاً للغاية، أما الضوء فالبيانات المتوفرة حوله تختص بالمدن لا بالبلدان ولا يمكن الحصول لعدد ساعات اشعة الشمس للبلد في أي مجموعة بيانات على الانترنت. مع ذلك فالنظر لأنماط الأشهر لوحدها كان جديراً بالاهتمام أكثر من هذه النواحي.

وبخصوص المناخ، فقد كان تصنيف المناخ الدقيق موحداً لمعظم أرجاء البلاد، ولبعض البلدان كان من الممكن تعميم الصنف الأعلى وهو ما اعتمدته في النهاية، أما البلدان ذات المناخات المتعددة فقد تم إخراجها من هذا التصنيف، وتم احتساب المناخ الذي تتواجد فيه معظم الكثافة السكانية لبعض البلدان أيضاً معتمداً على خرائط الكثافة السكانية للبلدان.

تم التعامل مع بيانات الولادات الشهرية للبلدان بمعدلها العام لجميع السنوات الموجودة لكل بلد، ولم يتم أخذ المجموع. وقد اتضح أن بالمعدل ولجميع بلدان العالم فإن سبتمبر واكتوبر ويناير هم الأشهر الثلاث الأكثر في عدد الولادات لكن ليس بشكل ملحوظ فالبلدان تختلف في أنماطها هذه. بالانتقال إلى بيانات كل بلد على حدة، فقد اخترت أكثر ثلاثة أشهر من حيث عدد الولادات معتمداً على المعدل لجميع السنوات. ثم طرحت من كل شهر 9 أشهر للحصول على الشهر الذي تم فيه الحمل. وبالتالي فقد حصلنا على ثلاثة أشهر للحمل وثلاثة اشهر للولادات لكل دولة من بين 100 دولة.

الحرارة

بعدها اسقطت بيانات الحرارة أمام كل بلد. ولم يظهر أن هناك ترابط إحصائي بين معدل الولادات للبلدان جميعها مع معدلات الحرارة للأشهر، لكن كان الترابط الاحصائي أعلى بقليل لأشهر الصيف 0.11، 0.13، 0.12 وذلك للأشهر يونيو، يوليو واغسطس وتمثل هذه الأشهر أشهر الصيف لمعظم بلدان العالم ولاسيما البلدان الواقعة في نصف الكرة الشمالي. ما يعنيه هذا هو رغم أن هذه الأشهر هي ليست الأكثر من حيث الولادات أو التخصيب والحمل لكن هناك علاقة بين عدد الولادات الحاصلة فيها وارتفاع درجة الحرارة، فكلما ارتفعت درجة الحرارة زادت الولادات ولا يعني هذا أيضاً أن قيمة الترابط المذكورة هي قيمة جديرة بالانتباه لكن فقط هناك علاقة بسيطة وربما لم نكن لنشير لهذه العلاقة لولا أن وجدناها تجتمع مع أشهر الصيف الثلاثة.

القضية الثانية التي فحصناها هي الترابط بين الشهر الذي يحدث فيه الحمل ومدى اعتدال ذلك الشهر قياساً بغيره، من أجل ذلك قمنا بإنشاء ترتيب للأشهر يختلف عن ترتيبها الفعلي وذلك بحسب درجة حرارتها من الأعلى إلى الأدنى. ثم قمنا بملاحظة موقع الشهر الأكثر الذي يحدث فيه الحمل في كل دولة. كان ترتيب الشهر (8) هو الغالب بشكل واضح ويليه الأشهر اللاحقة بعده (9-12)، أي أن الشهر ذو الترتيب (8) من حيث درجة الحرارة هو الشهر الأكثر لحدوث الحمل وكان الشهر هذا في الحقيقة هو شهر أكتوبر أو نوفمبر. ما نستنتجه من هذه النقطة هو أن البشر يميلون إلى الأشهر الباردة في ممارسة الجنس ويكون الشهر الأكثر اعتدالاً مع الميل إلى البرد هو الشهر المفضل لهم بين بقية الأشهر.

month sequences
كما يظهر فإن الشهر ذو الترتيب 8 يليه 10، 7، 11 ثم 12 هم الأشهر الأكثر في حدوث الحمل (ممارسة الجنس)

لكن ماذا عن درجات الحرارة ذاتها؟ ما هي درجة الحرارة المفضلة للبشر لممارسة الجنس؟ لا أدري إن كان يُمكن أن نسأل السؤال بهذه الطريقة أم أن الأمر ليس في نطاق التفضيل بل هو فقط أمر بيولوجي فطري. بكل الأحوال، قمنا بتجميع درجات الحرارة للأشهر الثلاث الأكثر في حدوث الحمل وكانت المجاميع كما يلي:

  1. العشرينات: تعني هذه المجموعة أن شهرين على الأقل من الأشهر الثلاث الأعلى للحمل في البلد يكون معدل الحرارة فيهم في العشرينات. ينتمي لهذه المجموعة فصل الخريف في ايران، أو فصل الربيع في الجزائر أو مصر وأشهر نوفمبر وديسمبر في البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى.
  2. العشرات: تعني هذه المجموعة أن شهرين على الأقل من الأشهر الثلاث الأعلى للحمل في البلد يكون معدل الحرارة فيهم بين صفر و10 مئوية. من الأمثلة على هذه الفئة شهر نوفمبر في العديد من دول أوروبا مثل فرنسا، بلجيكا، بلغاريا، المانيا، إيطاليا بيلاروسيا أو شهر يونيو في النرويج.
  3. بين 10-20: تعني هذه المجموعة أن شهرين على الأقل من الأشهر الثلاث الأعلى للحمل في البلد يكون معدل الحرارة فيهم بين صفر و10 مئوية. صنفت ضمن هذه المجموعة دول مثل إسرائيل، ايرلندا، أذربيجان والأرجنتين حيث كان فيها أشهر متباينة أثناء العام كانت الأعلى في الحمل وكانت فيها درجات الحرارة بين 10 و20.
  4. بين -10 الى 10: تعني هذه المجموعة أن معدلات الحرارة في الأشهر الثلاث الأعلى للحمل في البلد لا يمكن الحسم فيها فلا يمكن إيجاد شهران على الأقل ضمن مجموعة واحدة، لكن يتضح أن معدلات الحرارة للأشهر الثلاث الأعلى للحمل تتراوح بين -10 و 10 مئوية. من الأمثلة على الدول التي صنفت ضمن هذه المجموعة ايسلندا وأوكرانيا وسلوفاكيا.
  5. السالب: تعني هذه المجموعة أن شهرين على الأقل من الأشهر الثلاث الأعلى للحمل في البلد يكون معدل الحرارة فيهم تحت الصفر.

month patterns

لعل مجموعة السالب ذات الدولتين فقط وهما روسيا الاتحادية ومنغوليا خيارات محدودة من الأساس بخصوص درجات الحرارة الأفضل فالمعدل السنوي في البلاد بشكل عام يكون بالسالب، نجد في هذه المجموعة دولتان فقط إذاً وربما يمكن اعتبارهما استثناءاً. من الواضح أن البشر يفضلون أنماط المناخ الأكثر دفئاً فهناك 34 دولة في مجموعة العشرينات و28 دولة في مجموعة بين 10 و20. فيما ينخفض عدد الدول كلما انخفضت الحرارة. وفقاً لهذه البيانات يمكن القول إن البشر يفضلون حرارة في العشرينات للتزاوج.

السؤال الثالث الذي طرحناه حول الحرارة هو هل يفضل البشر التزاوج عندما يحدث هناك طفرة كبيرة في الجو؟ بياناتنا لا تساعد كثيراً على هذا، فالطفرات في الجو قد تحدث في أيام لا على مستوى المعدل الشهري. مع ذلك، فقد احتسبت الفروقات بين الأشهر ضمن 6 حقول، أكثر الفروقات وأقل الفروقات. تشير أقل الفروقات الى الانخفاض الأكبر في الحرارة بين شهر معين والشهر الذي يليه فمثلاً لو كان معدل الحرارة في أكتوبر هو 10 درجات مئوية وكان في سبتمبر 14 فسيكون الفرق (-4) وبعكس ذلك ستكون الفروقات الأعلى حالات الانخفاض بين الأشهر.

الهدف من إيجاد أقل وأعلى الفروقات بين الأشهر هو أن نرى إن كان هناك أي تطابق بين تلك الأشهر ذات الانخفاض الكبير أو الارتفاع الكبير تتطابق مع الشهر الأعلى للحمل. سيدل ذلك على أن البشر يفضلون الأشهر ذات الاختلاف الكبير في الحرارة. النتيجة كانت أن 80 دولة كان فيها شهر الذروة في الحمل مساوياً لأول أو ثاني أكثر الأشهر اختلافاً في درجات الحرارة عن سابقه.

معظم الدول التي فضل سكانها الارتفاع المفاجئ في درجة الحرارة لممارسة الجنس كانت دولاً حارة نسبياً، نرى في القائمة دول الكاريبي ودولتين جنوب شرق اسيا، و4 دول من شمال أفريقيا وباكستان وسريلانكا. ايضاً نرى السويد والنرويج وفنلندا مخالفين لهذه القاعدة حيث يفضلون شهر حزيران وتموز. أما الدول التي فضل سكانها الانخفاض المفاجئ في درجة الحرارة فإن أكثر من نصفها هي دول من ذوات المناخ القاري الرطب وهي دول باردة نسبياً، ضمن تلك الدول نرى دولاً من البلقان ووسط أوروبا واوربا الشرقية ونرى الولايات المتحدة وكندا والدول المطلة على بحر الشمال جميعها و7 من دول المتوسط.

temprature change
يظهر بالأزرق الغامق الدول التي تفضل الارتفاع في درجة الحرارة، بينما باللون الأزرق الباهت الدول التي تفضل الانخفاض، ومن ثم بالرمادي الدول التي ليس لها تفضيل معين في هذا الصدد.

أنماط الأشهر

كما أوضحت، فقد اخترت أكثر الأشهر في الولادات، ثم طرحت منها 9 أشهر لأحدد وقت حدوث الحمل، ثم بدأت بتحليل النتيجة. كانت أفضل طريقة للنظر للأشهر هو بترتيبها ضمن أنماط. لكن لو قمنا بحساب مرات ظهور كل شهر ضمن الأشهر الثلاث الأعلى لرأينا أن شهر نوفمبر هو الشهر المفضل أي أنه الشهر الأكثر ظهوراً بين أعلى ثلاثة أشهر لحدوث الحمل. ويُمكن أن نرى أيضا أن الفترة الممتدة بين أكتوبر ويناير هي الفترة المفضلة ولعل هذه الفترة هي ما يُمكن أن نسميه موسم التزاوج للبشر. لكن لا ننسى أن شهر سبتمبر مهم أيضاً وأن هناك امتداد بين أنماط يناير وفبراير إلى مارس و/أو أبريل وكما سنرى.

months frequency
عدد مرات ظهور كل شهر ضمن الأشهر الثلاث الأعلى لحدوث الحمل

تكويننا للأنماط لم يكن قائماً على أي أساس، فمن جهة مثلت الأنماط الفصول، لكن من جهة أخرى فإن للفصول معنى مختلف بحسب الجهة من الكرة الأرضية، أيضاً وجدنا أحد الأنماط جديراً بالاهتمام وهو ما يتضمن يناير وفبراير دائماً مع شهر آخر سابق أو لاحق لهما لذا اوجدنا نمطاً أسميناه يناير – فبراير.

PM patterns
أكثر نمط شائع كان نمط (الخريف الشتاء) وهو نمط يبتدأ غالباً بنوفمبر بصفته الشهر الأكثر في حدوث الحمل، ويليه ديسمبر ثم يتبع أو يسبق بشهر آخر. وجدنا من الأدق تسمية هذا النمط (نوفمبر – ديسمبر). ويليه بالتردد نمط (يناير- فبراير)، ثم نمط الربيع فيما يتصل النمطان التاليان أيضاً بالربيع والخريف ونجد الخريف ماثلاً في الأنماط الصغرى، وأما الصيف فهو الأقل تفضيلاً على الإطلاق.

المناخ

تم إعداد تصنيف المناخ كوبن – جيجر بحسب طبيعة النباتات التي تنمو في البيئات المختلفة. لكن مع ذلك، فهو التصنيف المناخي الأشهر وهو مفيد من حيث أنه متعدد الدرجات أي يُمكن استخدام درجة عامة منه أو تصنيف فرعي، كما يتضمن وصفاً ضمنياً للحرارة وسقوط المطر وطبيعة الجو في الصيف والشتاء من حيث الرطوبة والحرارة.

أول فجوة تعترض تصنيفنا للدول بحسب هذا التصنيف هو أنه لا توجد دولة في العالم تصنف بتصنيف واحد إلا ما ندر. فكثير من الدول في العالم لها عدة تصنيفات، وبالتالي فإن تعميم تصنيف معين يبدو أمراً غير مقبول. لكن لو جئنا للكثافة السكانية لكل بلد لوجدنا تركيزاً في مناطق معينة ذات مناخ معين، فمثلاً دول جنوب الصحراء الكبرى لا تعيش الغالبية الساحقة للسكان ضمن التصنيف المناخي BWk وهو المناخ الصحراوي بالتأكيد، بل تتواجد بشكل مطلق في جنوب البلاد حيث يختلف تصنيف المناخ. في بعض الدول لا يبدو الأمر حاسماً رغم وضوح تركز الكثافة في تصنيفات مناخية أخرى، الأمازون في البرازيل، سيبيريا في روسيا وغيرها تعد أماكن مأهولة بنسبة قليلة لكنها ليست خاوية بالتأكيد.

بجميع الأحوال لا يُمكن ان نأخذ هذا التصنيف بجدية كبيرة، لكن حاولنا أن نوسعه فنأخذ التصنيف الأعلى وهنا نحصل على 5 تصنيفات للمناخ فقط، وبهذه الحالة يُمكن أن نحصل على تصنيف المناخ ذاته لبلاد كثيرة حيث تضم بلدان كثيرة مثلاً تصنيفين للمناخ من نوع B، ورغم أنهما يختلفان لكنهما يشتركان في الخصائص العامة.

الحل الآخر الذي قمنا به هو بأخذ أكثر من تصنيف لكل بلد، حيث وضعنا عموداً آخر للتصنيف الثاني الذي يأتي بعد التصنيف الأول من حيث شيوعه.

لكن بعد القيام بكل هذا لم نجد الترابط الإحصائي جديراً بالاهتمام بين تصنيفات المناخ هذه وبين أنماط شهور التكاثر (-0.21). على سبيل المثال، كان الترابط الاحصائي بين درجات الحرارة وتعداد الولادات في الصيف أكبر بكثير من هذا.

الأنماط التي استطعنا ملاحظتها قد تستحق الذكر. الدول التي كان المناخ الاستوائي غالباً فيها كان التزاوج يجري بالفترة المتراوحة بين يناير وابريل لـ 15 من أصل 25 منها. فيما كان أكتوبر، ديسمبر ونوفمبر أقل حظوراً حيث ظهرت هذه الأشهر لـ 6 مرات بصفتها ثالث أكثر شهر في حدوث الحمل وظهرت لمرة واحدة بصفتها الشهر الأول. نمط الصيف ظهر في كاليدونيا الجديدة  وسريلانكا وموريشيوس، وهو نمط نادر جداً. كما يظهر لدى بعض الدول الاستوائية هذه عشوائية في اختيار الأشهر، أي عدم وجود نمط معين مرتبط بفصل، لاسيما في ستة منها ولعل السبب في ذلك يعود الى تشابه الظروف في فصول عديدة اثناء السنة في البلاد الاستوائية مثل اعتدال درجة الحرارة وتساقط المطر بنسبة عالية.

للدول ذات المناخ الجاف (صنف B) يُمكن أن نجد ملاحظات واضحة. لكن قبل ذلك نوضح أن هذه الدول ووفقاً لهذه التصنيف تشمل أنحاءاً عديدة والمناخ الجاف بذاته متباين لكن ولضمان الحصول على اكبر قدر من التعميم فقد اخترنا الصنف العام. نجد في هذه المجموعة البلاد العربية، وبلاد الصحراء الكبرى ومنغوليا وباكستان والبيرو وايران وبلاد وسط آسيا.

9 من أصل 19 من هذه الدول يفضل فيها السكان شهري مارس وآذار بصفته الشهر الأعلى لحدوث الحمل. فيما عدا ذلك لا يُمكن أن نجد نمطاً محدداً يشمل جميع هذه الدول بحسب تصنيفها المناخي.

اما دول المناخ المعتدل فنجد ثلثيها تفضل شهري نوفمبر او ديسمبر للتزاوج، يليهم بعدها يناير وفبراير، وفيما عدا هذه الأشهر نجد أكتوبر وسبتمبر ضمن الأشهر المفضلة أيضاً. ونجد نتائج مشابهة لنمط المناخ القاري (D)، لكن مع ميل أكبر نحو نوفمبر، حيث كان الشهر الأكثر تفضيلاً هو نوفمبر لـ 17 من أصل 27 دولة، وفي الشهرين المفضلين لـ 21 دولة من اصل 27 دولة.

الآن بالعودة لهذه الأنماط فلن نجد للتصنيف المناخي أثر واضح فما ذكرناه لا يُظهر فروق كبيرة باستثناء تفضيل الربيع في بلاد الصحراء، وتفضيل نوفمبر وديسمبر في بلاد المناخ المعتدل.

الأقاليم الجغرافية

بخلاف المناخ الذي له تصنيف واضح، فإن الأقاليم الجغرافية ليست محددة بتصنيف واضح يعمل لجميع الأغراض، هناك تصنيفات جغرافية بحتة وأخرى سياسية وأخرى مناخية. وقد اوجدنا تصنيفاً قائماً على القارات ثم على الأقاليم الفرعية بشكل يقبل التداخل بين الأقاليم لنراعي تشابه المناخ بين أقاليم قارات متعددة وتحديداً حالة البحر المتوسط.

  1. البلقان: مصنف كلياً ضمن نمط نوفمبر-ديسمبر باستثناء ألبانيا التي تتوزع الأشهر فيها وفق: نوفمبر-سبتمبر-أكتوبر. الشهر المفضل لجميع هذه الدول لو أخذنا الشهرين الأكثر تفضيلاً بنظر الاعتبار سيكون شهر نوفمبر. يشمل هذا التصنيف 8 دول.
  2. البلطيق: السمة المميزة لهذه الدول هي تفضيل أشهر الصيف يونيو ويوليو ضمن الشهرين الأول والثاني الأكثر تفضيلاً. وتختار لاتفيا واستونيا شهر نوفمبر بصفته الشهر الأكثر تفضيلاً لكنهما يعودان ليونيو بصفته الشهر الثاني الأكثر تفضيلاً. وتجمع دول البلطيق الخمسة على اختيار شهر سبتمبر بصفته الشهر الثالث الأكثر تفضيلاً.
  3. الكاريبي: الشهر الأول في الحمل لجميع هذه الدول عدا اثنان (14 دولة) هو شهر يناير أو فبراير. ولنصفها يكون ثاني أكثر شهر في الحمل هو شهر مارس أو أبريل، ولـ 11 من 16 منها يكون مارس أو ابريل هو الشهر الثالث. باختصار، توزيع الأشهر الثلاثة الأعلى في حدوث الحمل لدول الكاريبي مليء بالأرقام 1-4 عدا ثلاث مرات ظهر فيها شهر نوفمبر وديسمبر فقط.
  4. القوقاز: يضم ثلاث دول فقط ممن شملتها البيانات ولا يوجد نمط واضح فيه.
  5. وسط آسيا: يشمل طاجيكستان، قرغيزستان، أوزبكستان، كازاخستان ومنغوليا. ولا يوجد نمط واضح حول هذه الدول.
  6. وسط أوروبا: يضم ثمانية دول. وتجمع الدول الثمانية هذه على تفضيل نوفمبر، ثم في الشهر الثاني الأكثر بحدوث الحمل يأتي سبتمبر أو ديسمبر لسبعة دول.
  7. أوروبا الشرقية: مطابق تقريباً لوسط أوربا من حيث اختيار نوفمبر بشكل قطعي بصفته الشهر الأكثر في حدوث الحمل، يليه في المرتبة الثانية شهري ديسمبر وسبتمبر. ولعلها ليست مصادفة فكل من أوروبا الشرقية ووسط أوروبا يصنفان ضمن نفس التصنيف المناخي (Dfb).
  8. الشرق الأقصى: لا نمط واضح، كما أن هناك 5 دول فقط وهي دول متباعدة ومتباينة: الفلبين، اليابان، ماكاو، هونغ كونغ وكوريا الجنوبية. لكن أنماط هذه الدول تتفق مع أنماط أخرى في انحاء أخرى من العالم.
  9. الهند ومحيطها: دولتان فقط وليس هناك دلالة.
  10. المتوسط: من بين قيم الأشهر الثلاث للدول التسع الموجودة هناك 17 من أصل 27 تتراوح بين شهر نوفمبر وشهر فبراير. لا شيء مميز سوى تشابه عام مع النمط السائد في العالم.
  11. الشرق الأدنى: ثلاث دول فقط، يثير الاهتمام فيها وقوع البحرين والكويت ضمن الربيع (فبراير، مارس، ابريل).
  12. شمال أفريقيا: أربعة دول تجمع على اختيار شهر مارس بصفته الشهر الأكثر في حدوث الحمل.
  13. أمريكا الشمالية
  14. بحر الشمال: جميع الدول المطلة على بحر الشمال او الواقعة في شمال المحيط الأطلسي وتمتاز بمناخها المعتدل عدا ايسلند. هناك تفضيل كبير لشهري ديسمبر ونوفمبر ويظهر سبتمبر أيضاً كأحد الأشهر المفضلة لكن ليس هناك نمط واضح عدا ذلك.
  15. اوقيانوسيا: لا نمط واضح باستثناء اختيار شهر يونيو في استراليا، وهو يرادف شهر ديسمبر في نصف الكرة الشمالي. ويظهر تفضيل يوليو في كل من فيجي وكاليدونيا الجديدة وهو يرادف شهر يناير في نصف الكرة الشمالي. اما في نيوزيلندا فيبدو الأمر وكأن نيوزيلندا في نصف الكرة الشمالي رغم انعكاس الأشهر أي انها تختار الصيف.
  16. افريقيا الجنوبية: لا نمط مميز ودولتان فقط
  17. جنوب شرق اسيا: دولتان فقط
  18. جنوب أمريكا الجنوبية: لا نمط مميز ولا اختلاف عن نصف الكرة الشمالي سوى في حالتين بالارجنتين والاوروغواي ظهر فيهما يونيو كأحد الأشهر المفضلة.
  19. غرب أفريقيا: دولتان فقط
PM per country
الشهر المفضل
Patterns per country
الأنماط المفضلة

ما يجعل الصورة غير واضحة

مع ما قمنا به من تحليل واتضاح بعض الاستنتاجات غير أن هناك ما يجعل الصورة غير واضحة في عصرنا الحالي، فنحن لا نواجه الطبيعة كما كنا نفعل بالأمس بل نحتمي بالكهرباء ووسائل التبريد والتدفئة والاضاءة فنعيش في بيئات اصطناعية. أيضاً لو كان هناك تأثير يعود الى العادات والسلوك الاجتماعي فإنه معرض للاضمحلال في ظل ظروف تخالط الشعوب ثقافيا والهجرة والتنقل.

الصفات المرتبطة بالجينات أيضاً ستكون عرضة للاختبار بعوامل حديثة عند الهجرة وستسبب الهجرة في بعض الأحيان اختلالا في الحكم على هذه القضية لو كان التزاوج مرتبطاً بصفات موروثة لدى الشعوب، فمثلاً لو كان الأمر مرتبطاً بصفة نفسية لدى الانجليز او الفرنسيين، فستتغير الإحصائية كلياً عندما يكون لدى المهاجرين معدل ولادات اعلى ولدى هؤلاء المهاجرين صفات أخرى تجعلهم يفضلون فصلاً أو شهراً معيناً.

مما يعرقل الإجابة على هذا السؤال ايضاً هو قدرة البشر على التحكم بالولادة، ربما يمارس البشر الجنس في فصول معينة أكثر من غيرها، لكنهم قادرون على التحكم بالولادة من خلال حبوب منع الحمل ومن خلال الواقيات الذكرية.

لكن ليست وسائل تنظيم الحمل هي وحدها التي تمنعنا من الحصول على إجابة دقيقة حول طبيعتنا بل تغير الطبيعة تلك لظروف عدة بشكل سبب انخفاضاً كبيراً في الولادات، والولادات هي أول ما نعتمد عليه في القياس بهذا العمل. النمو السكاني لدى شعوب اوربية كثيرة بالسالب.

هناك ايضاً فجوات في البيانات، فلا يمكن أن نعتمد على مقياس المناخ بهذا الشكل، ربما يمكن انشاء مقياس آخر للمناخ اكثر دقة واكثر قابلية للتعميم على البلدان لكن ليس بهذا الشكل. نفتقر أيضاً لبيانات الرطوبة والضوء، وبيانات الحرارة التي نمتلكها قابلة للتعميم لكنها لا توضح جميع الصورة. العمل على مستوى المدن قد يكون أكثر دقة بشكل عام.

مقترحات لبيانات مساندة

لم أسع كثيراً في بحثي عن مصادر بيانات مساندة لكن هناك أفكار عديدة لذلك، مواسم الزفاف في كل بلد، مبيعات الواقيات الذكرية، الاستبيانات، زيارات المواقع الإباحية بحسب الأشهر وبحسب البلدان وهكذا.

لماذا لم أنشر هذا العمل كبحث؟

  • لم أعلم في الحقيقة المجال الأنسب للنشر.
  • ليس لدي الوقت للتوثيق والبحث في الدراسات السابقة وتلخيصها وهو من متطلبات كتابة الأبحاث. اكتفيت فقط بالبحث عن أعمال أخرى لأرى إن كان هناك من أجاب عن السؤال قبلي.
  • تدريجياً تنخفض رغبتي في النشر العلمي لأنني أرى أنه يتحول إلى ما يشبه الطقوس والشكليات غير ذات المعنى، ولعل تعليق لقارئ مهتم يكون أكثر نفعاً لي لتعديل هذا العمل من تعليق شخص أكاديمي غير مهتم بالمجال.
  • ضاعت مني كثير من الفرص للكتابة عن أعمال أنجزتها، شخصياً لم اعتبرها إنجازات مكتملة فقط لأنني لم أنشرها وفي الحقيقة لن أجد الوقت لإكمال كافة الشكليات المطلوبة للنشر، فلم لا انشرها كمقالات فحسب أفضل من ترك الأمر برمته؟
  • نقاط الضعف المذكورة أعلاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *