التصنيفات
المناخ عربي

كيف ترتبط التنمية الاقتصادية بالمناخ والمنافذ الى البحار

كنت أرغب بإنجاز بحث حول هذا الجانب لكن لحسن الحظ وجدت من عمل سابقاً في نفس المجال، تحديداً من جامعة هارفرد، وبشكل شامل يغطي مختلف البلدان واصناف المناخ والاطلالة على البحار وكيف ترتبط أصناف المناخ والمداخل البحرية بمعايير عديدة كالغنى والفقر دون افتراض السببية في ذلك بالضرورة.

يفتتح الباحثان بحثهما باعتقاد لآدم سمث حول حتمية التدهور الحضاري وانخفاض التمدن لدى البلاد التي تقع في المناطق الداخلية وهو يتكلم عن أقاليم افريقيا الداخلية وعن مساحات شاسعة من أواسط آسيا حيث يقول “تلك الأجزاء من العالم تبدو وكأنها في نفس الحالة من البربرية وانعدام التمدن بمعظم العصور وكما هي اليوم. حيث تفتقر افريقيا لمداخل كبرى يمكن أن تأتي بالتجارة البحرية نحو داخل القارة”.

وجد باحثون عدة سابقاً أن المناطق الاستوائية أكثر فقراً من المناطق المعتدلة مناخياً بسبب التأثير الجوهري للجو الاستوائي على صحة الانسان وانتاجيته الزراعية. وفي دراسة أجراها كل من غالوب وساكس (Gallup and Sachs) عام 1999 وجدوا أنه باستبعاد عوامل مثل رأس المال، العمالة، والأسمدة فإن انتاج الغذاء يبقى مرتفعا في المناطق المعتدلة عن المناطق الاستوائية.

رغم القلة النسبية للساكنين في مناطق المناخ المعتدل المطلة على البحار غير أن تلك المناطق لها النسبة الأكبر من الإنتاج الاقتصادي العالمي.

بالنسبة للوصول الى البحر فقد تم احتساب المناطق الساحلية والمناطق التي فيها أنهر يمكن للسفن البحرية الملاحة فيها قادمة من البحر كما قال آدم سمث فإن افريقيا تفتقر لأي نهر كهذا، بينما لدى أمريكا الشمالية نهران يخترقان القارة.

60% من مساحة أراضي العالم ليست بمناخ معتدل والمتبقي 40% بمناخ معتدل (يشمل المناخ المعتدل وفق الدراسة المناخ المحيطي والمناخ القاري الذي يمتد من روسيا الى المانيا على سبيل المثال). ومعظم ما ليس بمناخ معتدل يقع بمناخ مداري او شبه مداري.

هؤلاء الذين يعيشون في مناطق المناخ المعتدل ينتجون 67% من انتاج العالم.

17% فقط من أراضي العالم تقع قرب البحار، والباقي بمعظمه بعيد عن البحار. لكن نصف البشر يعيشون قرب البحار وتنتج المناطق القريبة من البحار 67% من انتاج العالم.

ثلثي سكان العالم يعيشون في مناخ غير معتدل والثلث يعيش في مناخ معتدل.

رغم أن المناطق ذات المناخ المعتدل والقريبة من البحار لا تشكل سوى 8% من مساحة اليابسة، غير أن 22% من البشر يسكنون فيها، وهؤلاء ينتجون نصف انتاج البشرية، وهم لا يعيشون بكثافة عالية في مناطق سكنهم بل تقع الكثافة السكانية الأكبر في المناطق الاستوائية التي لا ينتج سكانها سوى 10% من انتاج العالم رغم أن تعدادهم يقارب تعداد سكان المناطق المعتدلة.

لو قارننا حاصل الإنتاج المحلي للفرد الساكن في المناطق المعتدلة فهو يكاد يبلغ أربعة أضعاف ما لمن يسكن في المناطق الاستوائية ويكاد يبلغ 6 اضعاف عندما نقارن من يسكن المناطق المعتدلة القريبة من البحار مع المناطق المغلقة الاستوائية.

أما بأخذ معيار حاصل الإنتاج المحلي للكيلومتر المربع فإن الكيلومتر المربع في الأراضي ذات المناخ المعتدل بشكل عام لها ضعف منتوج أراضي المناخ الاستوائي وأكثر من ثلاثة أضعاف انتاج الأراضي ذات المناخ غير المعتدل بشكل عام. لكن الفارق يزداد فتصبح الإنتاجية 13 ضعف للأرض ذات المناخ المعتدل القريبة من البحر عندما نقارنها بالأرض الاستوائية المغلقة.

دخل الذين يسكنون قرب البحار وفي المناطق المعتدلة يتركز فيما هو أكثر من 16 ألف دولار سنوياً فما فوق ويليه الفئة المتراوحة بين 4000 الى 8000 دولار. اما المناطق غير المعتدلة البعيدة عن البحار فتتركز بين صفر و4000 دولار. لأي فئة دخل أكثر من 4000 دولار فإن سكان المناطق المعتدلة الذين يعيشون قرب البحار يبلغون ضعف نظرائهم من المناطق غير المعتدلة.

وحتى لمن يعيشون بعيداً عن البحار فإن سكان المناطق المعتدلة يتركزون بين فئة دخل 2000 الى 8000 دولار سنوياً فيما يقع سكان المناطق ذات المناخ غير المعتدل ضمن فئات 0 الى 4000. المناطق الاستوائية هي الأقل في الحالتين ويبلغ تعداد سكان المناطق المعتدلة من ذوي الدخول العالية ضعف نظرائهم في المناطق الاستوائية.

ثلث سكان المناطق المعتدلة لهم دخل يفوق 16 الف دولار سنوياً. وأكثر من ثلثيهم لهم دخل يفوق 4000 دولار سنوياً. فيما يحصل نصف سكان المناطق الاستوائية على اقل من 2000 دولار سنوياً وربعهم بين صفر و1000.

أفضل منطقة في العالم من حيث تلك الظروف هي أوروبا الغربية حيث أن 96% منها يقع في مناخ معتدل و89% من سكانها يعيشون قرب البحار. أما أمريكا الشمالية فـ 89% منها يقع ضمن مناخات معتدلة وثلثيها يقع قرب البحار، يليها اوقيانوسيا. شرق آسيا جيد نوعا ما أيضاً فله قرابة 42% من السكان يعيشون في مناطق معتدلة (سهل الصين الجنوبي) و58% يعيشون قرب البحار.

منطقة روسيا وأوروبا الشرقية 70% منها في مناخ معتدل و39% منها قرب البحار.

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثلثه فقط يقع في مناخات معتدلة ونصفه يقع قرب البحار.

الاسوء عالميا في هذه المعايير هي منطقة الصحراء الكبرى في افريقيا وما دونها من دول فليس لسكانها سوى 4% من المناخ المعتدل و21% من القرب الى السواحل.

أمريكا اللاتينية لا تحصل على الكثير من المناخ المعتدل 12% فقط و45% يعيشون قرب البحار.

جنوب آسيا ليس لهم من المناخ المعتدل شيء ولهم 41% من السكان يعيشون قرب البحار.

Mellinger, Andrew D., Jeffrey D. Sachs, and John L. Gallup. “Climate, water navigability, and economic development.” CID Working Paper Series (1999).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *