التصنيفات
عام

العراق كما يراه المنشي البغدادي 1820

اغا محمد المعروف بالمنشي البغدادي هو السكرتير الخاص للمقيم البريطاني (القنصل او السفير) المستر ريج الشهير بخلافه مع داوود باشا والذي كتب كتاباً اكبر من الذي كتبه سكرتيره عن رحلته في العراق وعن شمال العراق تحديداً. يبدو ان اغا محمد وكجزء من رحلته نحو كردستان قد ركز على طريقه من شمال العراق وعلى كردستان بشقيها الإيراني والعراقي لكنه أضاف معلومات عن جنوب العراق وغربه أيضا بشكل محدود مما يبدو أنه زارها بشكل هامشي او انه حصل على المعلومات لاحقا واضافها ليشمل جميع تلك المنطقة.

كانت الفكرة ان انشأ خارطة تتضمن جميع المدن بتعداد سكانها ونشاطها الزراعي، لكن يبدو أن الأغا محمد كان قد ركز برحلته على الجزء الشمالي من العراقين وكردستان، فضعفت فكرة الخارطة الى حدٍ ما والتي كانت ستكون رائعة لدقة التفاصيل التي يركز عليها. سأسرد بعض الملاحظات فقط عن الكتاب ومع ذلك سأضع الخارطة لكن بأهمية منخفضة لما فيها من معلومات حول الجنوب.

المناطق بالأخضر الداكن هي مناطق تواجد الشيعة، وبالأخضر الباهت العلي اللهيه والأصفر مناطق تواجد المسيحيين، المدن مصنفة بحسب أحجامها.

بغداد هي الأضخم بتعداد السكان وعداها هناك قطب سكاني في الشمال والجنوب: يبلغ تعداد البيوت في بغداد 100 الف في تلك الحقبة بحسب المنشي البغدادي. عدا ذلك فالموصل فيها من البيوت 30 الفاً وكركوك 12 الفا والسليمانية واربيل والتون كوبري 6000 ثم 5000 فـ 3000. 2000 لكل من تكريت وسامراء و1500 لخانقين. اما في الجنوب فالبصرة لم يذكرها آغا محمد وذكر هيود أن نفوسها 80 الفاً ولعله يبالغ، ويقول آغا محمد ان سوق الشيوخ فيها 20 الف بيت. اما الباقي لما له تعداد بيوت يساوي أو يزيد عن الفين فهم الزبير (2000)، كربلاء (5000)، النجف (5000)، الحلة (8000).

المركزعدد البيوت
بغداد100000
البصرة40000 (تقديراً بحسب كتاب هيود ولم يذكرها الكاتب هنا)
الموصل30000
سوق الشيوخ20000
الحلة8000
السليمانية6000
كركوك6000
اربل5000
كربلاء5000
التون كوبري3000
طوزخورماتو2000
القوش2000
تكريت2000
سامراء2000
النجف2000
الزبير2000
خانقين1500
السماوة (أولاد الغراب)1500
تلكيف1000
تل اسقف1000
الدور1000
شثاثة1000
قره تبه700
طاووق600
دلي عباس500
بنجوين500
دويسه500
نينوى500
ليلان400
كرمليس400
عنكاوه300
كفري200
دركزين200
زنكباد100
وانه100
اربط70
حسن اوله60

ولا وجود لمدن شرق دجلة في الجنوب، لا العمارة ولا الكوت بل توجد قرية كوت العمارة وقرية الحي وكلتاهما صغيرتان جداً.

اليهود موجودون في: بغداد، السليمانية، كركوك، وقليل جداً في الحلة ولعله نسي ان يذكر ما في البصرة والموصل.

ظاهرة المدن المهجورة والخربة تظهر في 12 مكان. زنكباد يظهر فيها آثار ومدينة خربة وزنكباد ذاتها غير موجودة اليوم. كما يظهر خان مهجور في دلي عباس، ومقابر تاريخية فيها تحف في قره تبه، وبجوار كفري توجد آسكي كفري وهي أيضاً مدينة مهجورة خربة، وفي جمجمال هناك قلعة فارسية وكذلك هناك قلعة في عنكاوه وقلعة الزاب. ونينوى (الجانب الايسر) لم تكن سوى تل اثري ويتواجد فيها 500 بيت مأهول. هناك بلدة منقرضة اليوم تدعى القادسية وتقع بين سامراء وبغداد، الكوفة كذلك ليست سوى تجمع للآثار، والفلوجة فيها مدينة خربة تعيش بين خرائبها القبائل. هذا المشهد بقدر ما ينظر له البعض على أنه أمر جميل أن نمتلك كل هذه الآثار، لكنه مشهد مرعب بالنسبة لي، أين ذهب هؤلاء؟ ومتى؟ وكيف انقرضت مدنهم وحيواتهم واختفوا من هذا المكان ولم يعد في مدنهم سوى بدو يمرون أو يسكنون بين الآثار.

تمتد مناطق التركمان بشكل خط من قزلرباط جنوباً وحتى أربيل شمالاً ولم يذكر الكاتب تركمان تلعفر أو خانقين. يذكر وجودهم في قزلرباط، قره تبه، كفري، طوزخورماتو، ليلان، كركوك، اربل. والغريب أن المنشي البغدادي يعرف بعض التركمان بأنهم “يتكلمون التركية” فيقول مثلاً أهلها أكراد ويتكلمون الكردية والتركية، ويميز بين هؤلاء وبين تركمان كركوك الذين يقول عنهم أنهم ينكجرية (انكشارية) مرجعاً اصولهم الى التواجد العسكري التركي في المدينة.

يتواجد العلي اللهيه في مناطق عديدة تمثل حزاماً واسعاً موازياً لحدود العراق مع ايران يمتد من جنوب ديالى الحالية حتى كركوك. يعدد وجودهم في شهربان، قزلرباط، خانقين، منصورية الجبل، قره تبه، كفري، طوزخورماتو، ليلان وكركوك. ويميز الكاتب بينهم وبين الشيعة بوضوح لاسيما وأنه شيعي إيراني. ولعل هؤلاء هم جانب من تركة الصفويين وقد تحول معظمهم الى التشيع الاثنى عشري في أيامنا هذه، ولعلهم كانوا أكثر من ذلك بكثير في القرن السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.

أما الشيعة، فالأرقام التي يذكرها آغا محمد تبدو غريبة فهو يجعل الشيعة بحدود 3% من سكان بغداد فيما يذكر وجودهم في الكرادة. والى جانب ذلك، يتواجد الشيعة في خانقين وطوزخورماتو مع العلي اللهيه ويشكلون غالبية السكان في الحلة والنجف وكربلاء والسماوة. ومن المستغرب أيضاً أنه يصف أهالي سوق الشيوخ بأنهم حنابلة وفيهم شيعة، ولعله ليس مطلعاً بما يكفي على المنطقة في جنوب العراق.

تواجد المسيحيين يكاد يكون مطابقاً لتواجدهم الحالي باستثناء أنه يقول بأن أغلب أهالي الموصل هم من المسيحيون.

وجود الكرد يمتد الى الجنوب فهم يتواجدون في زنكباد، دلي عباس، منصورية الجبل وهذه كلها ما زال الاكراد يشكلون جزءاً من سكانها (باستثناء زنكباد التي لم تعد موجودة) وقد كانوا يتواجدون الى جانب العرب كما هو الحال اليوم. وهكذا هو الحال فتواجدهم يكاد يكون ذو نفس الطابع مع تواجدهم اليوم مع التركمان في نواحي كركوك ومن ثم تصبح المناطق بعدها كردية خالصة. ويتواجدون مع الكلدان في وانة.

حاول المنشي ان يعرض موضوع الزراعة لكن لم يكن مواظباً على ذكر نفس التفاصيل أو لعل الزراعة لم تكن مميزة بحيث جذبت انتباهه باستثناء محيط بغداد، فقد كان لبغداد حزام من المناطق الزراعية التي تغذيها والتي تتمثل بالكرادة، قرى الدجيل، قرى المحمودية، أبو غريب، الرضوانية، شهربان، قزلرباط، وخانقين. وفي زيارته للمناطق الكردية لم يذكر شيئاً لكنه ذكر أن أربيل ليس فيها زراعة مما يوحي أن هناك بعض أشكال الزراعة هناك. كما يذكر وجود دودة القز في منصورية الجبل والنفط والملح في طوزخورماتو كأنشطة اقتصادية أخرى. ويذكر وجود البساتين في كل من منصورية الجبل والكرادة وخريسان والخالص حيث يقول أن ثمار بغداد تأتي من خريسان والخالص. أما الجنوب فالمكان الوحيد الذي ذكر الزراعة فيه هو الديوانية وزراعة الرز.

الكرادة تأخذ تسميتها من استخدام الكرود في الري في البساتين الواقعة بين جهتي دجلة، وجلهم من الشيعة حسب قول الكاتب والكرادة اذا هي احد الاجزاء التي تمول بغداد بالخضر والفواكه الى جانب جهات ديالى.

اما الجهة الثالثة التي تغذي بغداد فهي من الغرب المتمثلة بالقرى المحيطة بنهر الدجيل، نهر المحمودية، نهر ابو غريب، نهر الرضوانية وكلهم ينبعون من الفرات والزراع في هذه المناطق من الدليم وينفي عباس العزاوي ذلك بل يقول انهم قراغول وزوبغ واخرين من يقطنون هناك ويزرعون. غير ان مناطق الزراعة هناك لا تشمل بساتينا اي انها توفر انواعا اخرى من المحاصيل.

أكثر ما لفت انتباهي أولاً هو درجة الحرارة التي كان يقيسها والتي يقول أنها كانت تصل الى 42 في الساعة الثالثة ظهراً بأشد أيام الصيف حرارة! حتى لو كان مقياسه غير دقيق فهذا دليل على زيادة الاحترار بشكل هائل خلال 200 سنة. يقول أيضاً: أن الماء يجمد في الشتاء أحياناً!

من الملاحظات الفريدة الأخرى هي حول موقع جامع براثا الحالي والذي لم يكن سوى دير يقال له “دير برسا”.

وأيضاً الملاحظة حول “الكعبة” التي نصبها السلاجقة. حيث بنى ألب أرسلان السلجوقي في الكرخ مكاناً يقال له التكية في وقت المنشي البغدادي ويشبه بناء الكعبة وله حجر أسود من كل من أطرافه الأربعة وقد كتب على الأطراف الأربعة بالخط الكوفي لكن الكتابة اندرست وفي المكان قبر ميكائيل السلجوقي. غير أن عباس العزاوي ينفي بعض ذلك في الهامش فيقول أنها من بناء الناصر لدين الله وليس السلاجقة وكانت تكية للبكتاشية وتعرف في يومنا هذا بمقام خضر الياس وعرفت قبله بتكية خضر الياس. ونفس المقام وصف بوصف آخر من قبل أحد الأشخاص الذين قالوا بأنه موضع اعدام الحلاج وأن لها شكلاً مغايراً وليس شكلاً كالكعبة لكن من عاصرها ورآها أعلم بذلك بالتأكيد وعباس العزاوي لا ينكر أن هيئتها تشبه الكعبة.

يذكر أن بباب الطلسم برج ومنذ ذلك الحين كان المكان مخزنا للبارود. ويذكر مكان يعرف باسم الجمرك بجوار المستنصرية بالاضافة الى خانين يتواجدان هناك. ويذكر أنه لا توجد منارة اعلى من منارة جامع الخلفاء. من الأبنية الأخرى التي يذكرها: المدرسة الوفائية وخان مرجان والمدرسة المرجانية وخان الاورطمة. ومن المعالم يذكر بنجه علي وهو صخرة فيها كف منحوتة يفترض انه من بناء عضد الدولة البويهي وقد ضم هذا المعلم الى شارع الرشيد ولم يعد موجوداً.

سياسياً يحاول الكاتب ان يعزو بابان وباجلان وحرير لسلطة ايران وفي الحقيقة فان هؤلاء قد يظهرون ذلك لايران لكنهم رسميا تابعون للدولة العثمانية. وهو يذكر انهم تابعون لبغداد ولا يذكر الموصل ضمن ذلك كما يذكر ان العمادية مستقلة.

يسمي الكاتب الرصافة بغداد الجديدة ويسمي الكرخ بغداد القديمة. لا يتفق عباس العزاوي مع هذه التسميات، ويقول ان تسميات ابواب الكرخ لم تبق وهن: باب الكاظم، الكريمات، باب الحلة، باب الشيخ معروف. الكاظم اصبح محلة الجعيفر وبابا الحلة والشيخ معروف لم يعودا موجودين ولعل هذا دلالة على انخفاض تعداد السكان وحجم المدينة. من الحمامات يذكر الكاتب 24 غير ان عباس العزاوي لا يعرف منها سوى 12 مما يدل على انخفاض تعداد سكان المدينة وعمرانها ربما. من تلك الحمامات ال12 هناك 4 في الكرخ وثمانية في الرصافة وهذا يدل على فرق المساحة والتعداد بين الاثنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *