التصنيفات
تاريخ الترك

من هم الترك بحسب كتابات أورخون؟

(English) بحسب قاموس ويكيشنري، فإن كلمة ترك ترجع لجذر في التركية القديمة (لغة نقوش أورخون ذاتها) ويأتي من الجذر أو العرق. غير أن من الواضح وبحسب نقوش أوروخون فإن الترك لم تكن في ذلك الحين كلمة جامعة للشعوب التركية بل كانت تشبه بدرجة معينة ما يرد في اللهجة الرافدينية حين يقول البعض “عربنا” في الإشارة الى موطنهم، لكن ليس بالضبط.

في الجانب الشرقي من الصخرة يذكر كل تيغين أن خاقان التيرغيش (Türügeš) كان: “من أتراكه ومن شعبه، لكن وبسبب حماقته ولأنه كان مليئاً بالمكر تجاهنا فقد ذبح وذبح البويروق [تذكر بالجمع] والبيغوات [جمع بيغ beg] خاصته”. أي أن المفهوم الأول للكلمة والمستمد من جملة كهذه يدل على أن الترك للخاقان وجماعته هم الجماعة الموالية لهم وليس لذلك أي دلالة قومية. القرغيز والاوغوز والقومان وغيرهم من المعروفين اليوم بأنهم شعوب تركية لا يعتبرون بالنسبة لمدوني نقوش اورخون أتراكاً.

أكثر ذكر شائع ملازم لكلمة ترك في نقوش أورخون هو الشعوب التركية والبيغات (جمع بيغ) الأتراك، وكأن الفصل واجب بين فئتي المجتمع تلك. يحدث فصل مشابه مثل هذا في المدونة الروسية الأولى حيث يتم الفصل بين البويار وبقية الناس ويجب ذكر ذلك بشكل منفصل. كما أن ابن اياس (القرن السادس عشر) في مصر أيضاً يفصل بين فئات الناس حين يتحدث فليس هناك جماعة واحدة بل هناك عدة فئات. يشبه ذلك أن نقول “الناس والأساتذة الجامعيين”، “الناس والأغنياء” او “الناس والمدراء” في الإشارة الى أصناف مختلفة من النخب”.

لا تعني كلمة الترك أيضاً الشعوب التركية، التي تتشابه في العادات والتقاليد واللغة، بالضد من الصينيين، بل تذكر النقوش بشكل مستمر الحروب مع الصينيين والاوغوز والخيتاي، مثلاً: “اذا اجتمع هؤلاء الثلاثة، الصينيون والاوغوز والخيتاي فكل شيء سينتهي بالنسبة لنا”. ولكن التحالف، رغم قلة التحالفات الواردة للخانية قصيرة العمر تلك مع الآخرين، مثل حالة التحالف مع الترغيش كان كافياً لجعل الشعب المتحالف أتراكاً للخاقان.

المترجم يضيف كلمة ترك بين قوسين في احدى الجمل التي أشار فيها النص الأصلي فقط الى عبارة “الغربيين” ليجعلها “الترك الغربيين”. لكن ذلك غير صحيح، فالنص لم يشر لأحد بصفة “الترك” سوى قوم الخاقان صاحب النص نفسه. غير أن النص يذكر ما يدل على تمييز الخاقان للتشابهات بينه وبين الأقوام التي تعتبر بمقياس اليوم “تركية” فيصف حكامهم بأنهم خاقانات أيضاً. غير أن ذلك مثير للحيرة أيضاً، فلماذا يدعو ملك التبت بالخاقان؟ يقول: “من خاقان التبت جاء …”. لكن التشابهات يتم إقرارها أيضاً بشيء مثل تصنيف الناس الى أفراد اعتياديين وبيغات، ويشمل النقش الدوقوز اوغوز بذلك.

جانب آخر من مفاهيم الهوية يتجلى في الحديث عن التسمية وعن خضوع نساء القوم لعبودية قوم آخرين. بالتأكيد الهاجس الأكبر في النقش يتمحور حول الانقراض التام والتعرض للاختفاء عبر اختفاء العدد كلياً او كون العدد قليلاً جداً. لكن أيضاً يشير النقش الى العار الشديد الذي يلحق ببعض الترك الذين صاروا يتسمون بأسماء صينية والذين تعرضت فتياتهم للعبودية على أيدي الصينيين لاسيما وأنه يتكلم عن نبلاء نالوا القاباً صينية. من غير الواضح تفاصيل من هم هؤلاء وهل تم تزويج بناتهم أم استعبادهن أم شيء بين الأمرين. لكن في نفس الوقت يشير النقش في موضع آخر الى تزويج ابنة الخاقان من خاقان القرغيز، فلم يتم اعتبار ذلك عاراً. يقول النص: “أبناء البلاء اصبحوا عبيداً للشعب الصيني، فتياتهم الطاهرات اصبحن إماءاً. البيغوات الترك تخلوا عن أسماءهم وحملوا اسماءاً صينية للبيغات الصينيين [هنا أشار بالفعل بكلمة بيغ للنبلاء الصينيين] واطاعوا الامبراطور الصيني وخدموه لخمسين سنة”.

في النهاية هذا ليس بحثاً عن معنى كلمة ترك وتطورها، لكن اذا كان نفس المفهوم موجوداً لدى شعوب أخرى واذا كان الجميع يدعون حلفاءهم بالترك فإن حالات الاجتياح التي غزا فيها الترك، وهم متحالفون سوية، شعوباً أخرى فقد ظهروا أمام الشعوب الأخرى بلا شك بهذه التسمية وبهذه الصفة فهم أتراك لبعضهم البعض ولخاقانهم والآخرون ليسوا كذلك سواء كانوا أتراكاً لغوياً – مفهوم اليوم – أم لم يكونوا. المصدر الأفضل للقراءة عن ذلك هو ربما كتاب محمود الكشغري ديوان لغات الترك بصفته مصدراً قديماً اما المصادر الحديثة فقد درست مفهوم الترك بإسهاب أيضاً ووضحته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *