التصنيفات
العراق بين احتلالين تاريخ المغول

من هم الخونة المتعاونون مع المغول؟

تعاقب الوزراء الشيعة على الوزارة في بغداد طيلة القرن الأخير من عمر الدولة العباسية وبعد وزارة ابن هبيرة في خلافة المقتفي 1150م وهم ابن القصاب، ابن الناقد وابن العلقمي. وكان الخليفة الشيعي الوحيد من بين خلفاء تلك الفترة هو الناصر لدين الله كما لم يكن هؤلاء الوزراء ذوو صفة دينية بل كانوا شخصيات مدنية فابن القصاب مثلاً قاد حملة عسكرية في جنوب العراق وسع فيها من نفوذ الخلافة في الأحواز. قد يدل ذلك على وصول الناس في العراق في الفترة الأخيرة من عهد العباسيين الى نوع من التوافق الطائفي على المستوى السياسي رغم أن الفتن الطائفية كانت تحدث في تلك الفترة بطرق مثل عراك بين منطقتين أو هجوم منطقة على منطقة أخرى بين السنة والشيعة.

عدا ما اسلفت من وجود ادوار سيئة للمحيطين بالخليفة وابرزهم الامير التركي مجاهد الدين ايپك الدواتدار وعدا نصائح ابن العلقمي التي اتضح لاحقا انها صحيحة فلم يسلم الشيعة من المجازر بل واحرق المغول مرقد امامهم الجواد وكلنا يعلم مدى شناعة هذا الفعل بالنسبة للشيعة. في حين لم تستغل الروايات التقليدية للتاريخ قضية عدم مس المسيحيين واليهود في بغداد من قبل المغول لانهم ليسوا طرفا في صراع سياسي حالي، من العار اننا لم نعرف من خزي تلك المرحلة سوى التلفيق حول الشيعة لا وبل من الكتب الرسمية لمناهج التاريخ.

يقال ان هولاكو طلب من نصير الطوسي ان يخرج الناس بغرض تشكيل نوع من المنطقة الامنة التي يشرف عليها هو فلما فعل الطوسي ذلك فتك المغول بمن معه، فأي عمالة هذه وهم غدروا بمن وعدهم بالحماية؟ سابقا اوضحت مقولة له يصف فيها بقاءه مع المغول بأنه نوع من الاسر.

المبحث في الرابط لمصطفى جواد منشور في مجلة الرسالة المصرية (1885-1965) يوضح قضية ابن العلقمي بالتفصيل والعداء بينه وبين نصير الدين الطوسي ووساطة ابن العلقمي لينجو من القتل ووساطة مراجع الشيعة. ويذكر فيه البيوت الآمنة والمناطق الآمنة أثناء المجزرة وهي فقط دور عدة مسؤولين منهم الوزير وصاحب الديوان (السني) والحاجب كما يشير مصطفى جواد الى خيانة ابن صلايا العلوي نائب الخليفة في أربيل وقد قتله هولاكو حين اللقاء به ولم يكن هولاكو يحترم الخونة أو يوليهم المناصب.

لكن مصطفى جواد يصف هجمة المغول بـ “الحملة الصليبية الشرقية” ويعول كثيراً على تحول بعض المغول للمسيحية وعلى زوجة هولاكو المسيحية وهذا غير دقيق إلا في أماكن مثل بغداد، لكن المسيحيين لم يسلموا من القتل في أماكن أخرى.

الخائن الحقيقي وفق معايير المنطقة اثناء الغزو المغولي هو حاكم الموصل الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ. أرسل جيشاً للمشاركة في حصار بغداد مع المغول. وساهم بشكل مباشر في حصار اربيل الثاني الذي كان في الصيف بعد فشل الحصار الاول الذي الغي بنصيحة لؤلؤ أيضا. وهدم اسوار قلعة أربيل وأوكل المغول أمرها اليه بعد فتحها. وتوالت زيارات لؤلؤ لهولاكو وهداياه له حتى وفاته. وكان قد زوج ابنه بابنة هولاكو وكانت سببا في سوء علاقة ابنه الملك الصالح اسماعيل بهولاكو.

بدر الدين لؤلؤ سبي من اسرته الأرمنية على يد الاتابكة ولم يزل يتذكر دينه ويحتفل بأعياد المسيحيين بعد سلطنته رغم اسلامه وكان كثير التقلبات في موالاته للحكام من حوله. ومن المؤسف رغم سياسات الملك الرحيم فإن المغول دخلوا الموصل وخربوها بعد تولي ابنه الذي لم يحسن صنعة أبيه في السياسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *