بما ان استعادة العثمانيين لبغداد عام ١٦٣٨ كانت تعد امرا جيدا للبغداديين وما زالت تعد كذلك من قبل الكثيرين، فإن العقلية الاسطورية لسكنة بغداد في وقتها نسجت اساطيرا حول الحدث ابرزها حول الشاب عثمان گنج عثمان والمدفع “الطوب ابو خزامة”.
أما گنج عثمان فقد كان حامل الراية ورغم صغر سنه فقد كان شخصية قيادية ومقاتلا معروفا لدرجة ان صيته كشهيد ذاع اكثر من الوزير الذي مات على اسوار بغداد وگنج عثمان ينتمي لقرية من اعمال اق سراي في وسط الاناضول. تقول الاسطورة حول گنج عثمان انه عندما قتل فقد قطعت يداه وهو يدخل الى بغداد وانه بعد ان قطعت يداه ظل العلم مرفوعا ويسير امامه. هناك نشيد حول گنج عثمان وقصته ما زالت متداولة في تركيا حتى الان وقبره ظاهر في الصورة ويقع في مقبرة الشهداء الاتراك في باب المعظم (في التركية يقال شهيدلك وترجمتها الحرفية شهيدية وليس لدى العرب هذا النوع من المقابر لذا لم تشع التسمية لدينا) وقد زرت المقبرة في عام ٢٠١٢.
اما طوب ابو خزامة فقد كان مدفعا شديد الضخامة وكان مع مجموعة اخرى من المدافع قد نقل في قوارب خاصة بالنهر، تقول الاسطورة انه كان يبتلع الاحجار والتراب ويحولها الى قذائف يرميها على العجم.
وكان كل من المدفع وگنج عثمان موضعا للنذور والدعاء وطلب الاماني بالنسبة للبغداديين. يظهر المدفع في الصورة وقد كانت لي صورة معه عام ٢٠١٣ وهو في حديقة المتحف الوطني العراقي لكن لم اجدها.
تحمل هذه الحوادث اشارات عدة، اولها شعور الناس في بغداد بانتماءهم للدولة العثمانية او خضوعهم التام لاجندتها وبرامجها البسيطة في التأثير على العقول من قبيل اساطير كهذه، فيما يحمل الناس نفورا من الصفويين بشكل عام. ولو جئنا للمقارنة فالعثمانيون كانوا اكثر احتراما لمقدسات الطرفين سنة وشيعة فيما لم تتغير العقلية الصفوية مع كل تحديثات الشاه عباس، وعاد الصفويون لبغداد بعد ١٠٠ سنة مع قوائم قتل للسنة ومع هدم المراقد السنية.
الامر الثاني، كان السلطان مراد في ازمة مع الوزراء السابقين الذين تمردوا عليه، ويفترض ان الوزير الذي غزا بغداد معه كان مواليا له، لكن وبتصرف غريب فقد طلب السلطان الشاب من الوزير المخضرم ان يبدء بالهجوم، رغم وجود متسع من الوقت والذخيرة لانهاك العجم بالقصف اكثر من ذلك، فهجم الوزير تحت الحاح السلطان وقتل في اليوم التالي. انتشار قصة الشاب عثمان هنا قد لا يكون عفويا، بل امعانا في طمس تضحية هذا الوزير الذي قد يكون مكروها من السلطان.