ليس مفيداً دائماً أن تكون الثقافة واللغة أصلية ونقية، بل قد يكون نذير سوء. اللغة الكردية السورانية مثلاً تمثل نمط نقي من اللغات الإيرانية فما زالت غير متأثرة بالعربية والتركية الا على نطاق ضيق جداً وكذلك باقي اللغات الكردية، حتى يقال لغة الساسانيين كانت أقرب من من لهجات المنطقة الجنوبية من كردستان منها الى اللغة الفارسية الحالية.
لكن من يستطيع أن يُقارن دول وامارات الكرد والمستوى التعليمي والثقافي في المناطق الكردية بدول الفرس وثقافة الفرس؟ الفرس الذائبة لغتهم بالعربية والمتمازجة مع التركية وسائر لغات وثقافات المحيط الاقليمي.
الانجليزية اللغة الأولى بالعالم هي أيضاً ليست سوى وعاء لصهر المصطلحات من مختلف اللغات، إنها تستقطب الكلمات من مختلف المصادر أيضاً، وهي مثال للغة تفتقر للأصالة فيقال بحسب محاضرات معجزات اللغة البشرية في كورسيرا أن الإنجليزية مقسمة بمفرداتها بين اللاتينية، الألمانية القديمة، ولغة ويلز الحالية.
من جهة أخرى كنت ممن يندبون الحظ لشتات العربية في لهجات عديدة واندثار الفصحى التي يمكن ان توحد مكونات وشعوب كثيرة. لكن بعد تعلم الاسبانية وجدت نفسي قادراً على فهم كثير من الايطالية المكتوبة وبعض من الفرنسية المكتوبة وفهم حتى الكلام البرتغالي. لكنني لم اجد من يتباكى على إرث اللغات الرومانية الضائع والذي يمكن توحيده بسهولة لهذه الثقافات الاكثر سعة من العربية منتوجاً وسكاناً.
العربية الفصحى بالنسبة للعرب تشبه اللاتينية بالنسبة للشعوب الناطقة باللغات الرومانية الى حد كبير، إنها لغة قريبة من هذه اللغات وهي للايطالية والاسبانية بمقام الفصحى بالنسبة للمصري او المغربي.
هل يمكن ان تكون الاصالة المزعومة سبباً في وضع حاجز أمام الشعوب بالتعلم؟
مؤسسة اثنولوج (ethnologue) المتخصصة باللغات والاشهر في مجالها، تصنف اللغة العربية ضمن تصنيف متفرد الى لغة كبرى ولغات فرعية. لم تصنف لهجات العربي كلهجات وانما كلغات. فرق اللهجة عن اللغة هو التفاهم الفطري دون تعلم بين متكلمي اللغة. يعني طفل مصري يرى طفل عراقي فيمكنهما التحدث دون ان يسمعا بلهجة بعضهما البعض. هل هذا ممكن؟
ربما تغور الكردية في عمق أكبر من الحواجز بين لغاتها، فالسورانية والكرمانجية لا يمكن التفاهم الفطري ولا التفاهم مع مستوى التعلم عبر الاعلام بين ناطقيها. يعني كلنا تعلمنا المصرية من الافلام لكن ليس الامر ذاته وارداً في الكردية. لعل الحكم صعب الان لعدم وجود اعلام غني كالاعلام العربي. لعلنا كعراقيين أن نكون مع المصريين كما مع المغاربة لو لم يكن هناك اعلام مصري سائد.
لكل لغة رومانية انتاجها الأدبي والعلمي الغني، هناك مجلات شهيرة في العلوم العصبية ومجالات طبية اخرى بالاسبانية، اما البرتغالية فتأتي بعد الانجليزية من حيث القنوات العلمية في يوتيوب. وتأتي الفرنسية بعد الانجليزية من حيث المواقع العلمية الفرنسية. هل كان سيحدث الأمر ذاته لنا؟
لا يمكن انكار التأثير الديني وتأثير قيام الدول على انتشار وفرض اللغات. لكن بغض النظر عن ذلك هل يمكن للعرب ان يبدأوا بتكوين لغات منفصلة من لهجاتهم اليوم كما يفعل دعاة العامية المصريون في ويكيبيديا المصرية؟ العالم يتوحد تحت لغات كبرى كالانجليزية هل هو وقت مناسب للشروع بانشاء لغات جديدة وتأسيس مساحة ثقافية لها؟ هل يمكن ان نرى كثافة في الانتاج المعرفي مع وجود عامية عراقية مكتوبة مثلاً؟
لا انسى وانا اسأل هذا السؤال موجة الانتقاص من لهجات مثل العراقية الجنوبية رغم أن تصنيفها اللغوي يقع ضمن نفس تصنيف باقي لهجات العراق. طريقة كتابة بعض الأشخاص للعامية تزعجني شخصياً.
كخلاصة بأعتقادي ان اللغة القديمة تشكل عائقاً أمام التعلم لا يقل عن عائق التعلم بلغة اجنبية. النسبة الأكبر ممن أعرفهم لا يتقنون الفصحى. وأصالة اللغة ليست أمراً جيداً بل مؤشر لقلة التفاعل مع متغيرات الحياة وقلة حدوث التغيرات ولكن بالمقابل فإن تحريك اللغة او محاولة دفعها نحو تفرع عامي قد لا يكون حلاً.
المشروع العراقي للترجمة – عمر المريواني – معضلة تشخيص اللغات وكيف يتم تمييز اللهجات من اللغات؟
العلوم الحقيقية – نور الهدى – سحر الكلمات غير القابلة للترجمة
تعليق واحد على “أصالة اللغة نعمة أم نقمة؟”
The modern standard persian language came from the easter part of Iran, the old greater Khorasan. The Pahlavi language which was the official language of the Sassanian court was a western Iranian language more related to present day Luri, south Kurdish and the many dialects in the province of Fars. Sassan , the father of Ardashir grew up among Kurdish shepherds as is mentioned in Karnameh Ardashir Papagan. He claimed though lineage to the Darius the Great. Nowadays the standard Persian language has in many cases eclipsed the multitude of different Iranian languages in Iran proper and beyond all the way to Tajikstan where Sogdian languages used tot dominate