التصنيفات
الحقبة العثمانية العراق بين احتلالين تاريخ الترك فرق اسلامية

الفرقة الحروفية

يبدو أن طرق القتل البشعة لم تكن من اختصاص محاكم التفتيش البابوية فحسب في القرن الرابع عشر الميلادي والقرن اللاحق له فمؤسسي فرقة الحروفية كلاهما قتلا بشكل بشع، فضل الله نعيمي أسترابادي قتل وأحرق بفتوى الفقهاء في تبريز وعماد الدين نسيمي الذي سلخ جلده في حلب.

الفرقة الحروفية كادت أن تنقرض بعد أن نالت مختلف أنواع التنكيل من الحكام المحليين فرساً وعرباً ومن تيمورلنك بعد محاولة اغتيال من الفرقة لشاه رخ بن تيمورلنگ، لكنها نالت الحظوة لدى السلطان العثماني أورخان ويُمكن مشاهدة آثارها وتأثيرها في نقوش الخطوط العثمانية المبكرة واللاحقة وحتى على الملابس لاسيما بعد انتهاج الدولة العثمانية لمنهج البكتاشية اثر استضافة شيخ ولي الخراساني مؤسس البكتاشية الذي يُعد مؤسساً للإنكشارية عماد قوة الدولة العثمانية.

لاحقاً اندمجت البكتاشية بالحروفية ونالت القوة من خلال السيطرة على الجيش الانكشاري المتشبع بالتربية البكتاشية والرموز البكتاشية.

الحروفية من الفرق التي تؤمن بوحدة الوجود، وليس لديها من أركان الإسلام أو محرماته شيئاً، كتابهم جاودان كبير لا يسمح لأحد من غيرهم أن يطلع عليه وهو من تأليف فضل الله الأسترابادي، ويحمل الحروفيون في منهجهم دعوات للعدالة الإجتماعية والمساواة بحيث يعتبرهم اليسار الإيراني من رواد الفكر الإشتراكي في التاريخ وفعلاً كانت دعوتهم في إيران تتضمن الكثير من الاعتراضات ضد جبايات تيمورلنگ وحقوق الفقراء والفلاحين.

للحروفية صلاة خاصة بهم لكنها ليست مفروضة وهي حافلة بإحلال كلمة فضل الله بدل كلمة الله ولهم تأويل خاص للقرآن ويحجون إلى قلعة النجق في تبريز حيث قتل فضل الله. وللغة الفارسية أهمية في الحروفية وتعد قرينة للعربية حتى أن الاعتقادات بخصوص الأحرف لها قالبان عربي بـ 28 حرف وفارسي بـ 32 حرف.

الحروفية تعطي أهمية للألفاظ في معرفة الله وأن ارتباط الخالق بالمخلوق لا يحدث دون اللفظ ويشير ذلك إلى منهجها في فهم القرآن وفي الضروب الواسعة من العرافة التي انتشرت في العالم الإسلامي اثناء الفترة الصفوية والعثمانية من حيث محاولة احتساب قيم الأحرف واستخراج السنوات والدلائل والأحداث منها ليضاف إلى الكم الكبير من الركود الفكري والخرافات الشائعة في العالم الإسلامي.

أما عن صلة الحروفية بالتشيع، فالحروفية تعتبر فرقة مغالية ومبتدعة بالنسبة للاثني عشرية، لكنها تتصل بتعاليم كثيرة بالإسماعيلية وقد عاش الاسترابادي في النجف 20 عاماً كما يقال.

أتباع الحروفية الأوائل كثيراً ما كانوا من الترك والمغول وكان مؤسسها الأسترابادي ورمزها الشهير النسيمي كلاهما من الأتراك ولهما أشعار بالفارسية والتركية.

الحروفية بعد التمكن في الدولة العثمانية لم يعودوا فرقة مضطهدة بل العكس حيث يقال أنهم نالوا المزيد من التقرب للسلطة في عهد محمد الفاتح ولم ينته نفوذهم حتى منع تعاليمهم من قبل السلطان سليمان القانوني وانتهوا تماماً في عهد السلطان محمود الثاني الذي أباد البكتاشية ومن معهم من الحروفية ووجه أموالهم إلى النقشبندية ولجأ المتبقون من مشايخهم إلى التكايا الرفاعية والنقشبندية والقادرية.

العثمانيون والباطنية

كانت الدولة العثمانية هي الحامية للطرق الصوفية العلوية وكانت في طور التأسيس لعصر طويل من السيطرة البكتاشية على مرافق واسعة من الدولة العثمانية في الوقت الذي كان تيمورلنگ سنياً حنفياً وكان قاضيه الذي توفي في سنة الانتصار على العثمانيين قاضياً حنفياً وكانت الفرقة الحروفية الناشئة ذات السمات العلوية قد حاولت اغتيال إبن تيمورلنگ وكان قد حل عليها الغضب في كل البلاد الإسلامية باستثناء الدولة العثمانية التي آوتها.

1666

في عام ١٦٦٦ منع واعظ السلطان العزف والغناء في تكايا الطريقة المولوية، فسكتت انغام الناي والاغاني في سائر ارجاء الامبراطورية العثمانية، وكانت تلك خطوة من الخطوات نحو الحد من نفوذ هذه الطريقة وهي في اوج نفوذها.

المصادر:

#العراق_بين_احتلالين 2

ويكی فقه – دانشنامه‌ی حوزوی

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *